فصل: الثَّامِنُ: عَكْسُهُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.الْخَامِسُ: إِطْلَاقُ اسم الملزوم على اللازم:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يتكلم بما كانوا به يشركون} أَيْ: أَنْزَلْنَا بُرْهَانًا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ وَهُوَ يَدُلُّهُمْ سَمَّى الدَّلَالَةَ كَلَامًا لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الْكَلَامِ.
وقوله: {صم وبكم في الظلمات} فَإِنَّ الْأَصْلَ (عُمْيٌ) لِقَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {صم بكم عمي} لَكِنْ أَتَى بِالظُّلُمَاتِ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمَ الْعُمْيِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي دُخُولِ الْوَاوِ هُنَا وَفِي التَّعْبِيرِ بِالظُّلُمَاتِ عَنِ الْعَمَى بِخِلَافِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى.

.السَّادِسُ: إِطْلَاقُ اسْمِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ من المسبحين} أَيِ: الْمُصَلِّينَ.

.السَّابِعُ: إِطْلَاقُ اسْمِ الْمُطْلَقِ عَلَى المقيد:

كقوله: {فعقروا الناقة} والعاقر لها من قوم صالح قدار لكنه لما رضوا بالفعل نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ الْفَاعِلِ.

.الثَّامِنُ: عَكْسُهُ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} وَالْمُرَادُ: كَلِمَةُ الشِّهَادَةِ وَهِيَ عِدَّةُ كَلِمَاتٍ.

.التَّاسِعُ: إِطْلَاقُ اسْمِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةُ الْعَامِّ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إني رسول رب العالمين} أي: رسله.
وقال: {هم العدو فاحذرهم} أي: الأعداء.
{وخضتم كالذي خاضوا} أي: الذين.
وقوله: {علمت نفس} أَيْ: كُلُّ نَفْسٍ.
وَقَوْلِهِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مثلها} أي: كل سيئة.
وقوله تعالى: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

.الْعَاشِرُ: إِطْلَاقُ اسْمِ الْعَامِّ وَإِرَادَةُ الْخَاصِّ:

كَقَوْلِهِ تعالى: {ويستغفرون لمن في الأرض} أَيْ: لِلْمُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {ويستغفرون للذين آمنوا} وَلَمَّا خَفِيَ هَذَا عَلَى بَعْضِهِمْ زَعَمَ أَنَّ الْأُولَى مَنْسُوخَةٌ بِالثَّانِيَةِ.
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلٌّ لَهُ قانتون} أَيْ: أَهْلُ طَاعَتِهِ لَا النَّاسُ أَجْمَعُونَ حَكَاهُ الْوَاحِدَيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ.
وقوله: {كان الناس أمة واحدة} قِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّاسِ هُنَا نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ في السفينة وقيل: آدم وحواء.
وقوله: {وآل عمران على العالمين} أَيْ: عَالَمِي زَمَانِهِ وَلَا يَصِحُّ الْعُمُومُ.
لِأَنَّهُ إِذَا فُضِّلَ أَحَدُهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ فَقَدْ فُضِّلَ عَلَى سَائِرِهِمْ لِأَنَّهُ مِنَ الْعَالَمِينَ فَإِذَا فَضَّلَ الْآخَرِينَ عَلَى الْعَالَمِينَ فَقَدْ فَضَّلَهُمْ أَيْضًا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنَ الْعَالَمِينَ فَيَصِيرُ الْفَاضِلُ مَفْضُولًا وَلَا يَصِحُّ.
وَقَوْلِهِ: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إلا جعلته كالرميم} أَيْ: شَيْءٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالذَّهَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}.
وقوله: {تدمر كل شيء بأمر ربها}.
وقوله: {وأوتيت من كل شيء} مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ لِحْيَةً وَلَا ذَكَرًا.
وقوله: {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} أي: كل شيء أَحَبُّوهُ.
وَقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شيئا} أي: مِمَّا ظَنَّهُ وَقَدَّرَهُ.
وَقَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} وعن موسى {وأنا أول المؤمنين} ولم يرد الكل لأن الأنبياء قبله ما كانوا مسلمين ولا مؤمنين.
وقال: {والشعراء يتبعهم الغاوون} وَلَمْ يَعْنِ كُلَّ الشُّعَرَاءِ.
وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ كَانَ له إخوة} أَيْ: أَخَوَانِ فَصَاعِدًا وَقَوْلِهِ: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} أي: بابا من أبوابها قاله المفسرون.
وقوله: {قالت الأعراب آمنا} وَإِنَّمَا قَالَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} وَأَرَادَ الْآيَاتِ الَّتِي إِذَا كُذِّبَ بِهَا نَزَلَ الْعَذَابُ عَلَى الْمُكَذِّبِ.
وَقَوْلِهِ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأرض} أَيْ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَوْلِهِ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}.
وقوله: {وكذب به قومك وهو الحق} وَالْمُرَادُ: بَعْضُهُمْ فَإِنَّ مِنْهُمْ أَفَاضِلَ الْمُسْلِمِينَ وَالصِّدِّيقَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} فَإِنَّ {النَّاسَ} الْأَوْلَى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ لَمَا انْتَظَمَ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: {إِنَّ النَّاسَ} وَلِأَنَّ {الَّذِينَ} مِنَ {النَّاسِ} فَلَا يَكُونُ الثَّانِي مُسْتَغْرِقًا ضَرُورَةَ خُرُوجِ {الَّذِينَ} مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا لِأَنْفُسِهِمْ.
وَقَوْلِهِ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ معلومات} وَالْمُرَادُ: شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ.

.الْحَادِي عَشَرَ: إِطْلَاقُ الْجَمْعِ وَإِرَادَةُ الْمُثَنَّى:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قلوبكما} أَطْلَقَ اسْمَ الْقُلُوبِ عَلَى الْقَلْبَيْنِ.

.الثَّانِي عَشَرَ: النُّقْصَانُ:

وَمِنْهُ حَذْفُ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ المضاف إليه مقامه.
كقوله: {واسأل القرية} أَيْ: أَهْلَهَا.
وَقَوْلِهِ: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا على رسلك} أي: على لسان رسلك.
وقال: {نحن أنصار الله} أَيْ: أَنْصَارُ دِينِ اللَّهِ.
وَقَالَ: {وَأُشْرِبُوا فِي قلوبهم العجل} أي: حبه.
{واختار موسى قومه} أَيْ: مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الْحَذْفُ إِذَا كَانَ فِيهِ زِيَادَةُ مُبَالَغَةٍ وَالْمَحْذُوفَاتُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا النَّمَطِ وَسَيَأْتِي الْإِشْبَاعُ فِيهِ وَفِي شُرُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّ حَذْفَ الْمُضَافِ لَيْسَ مِنَ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ وَلِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْمَحْذُوفَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا التَّجَوُّزُ فِي أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَا كان منسوبا إلى المضاف كالأمثلة السابقة.

.الثالث عَشَرَ: الزِّيَادَةُ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ذكره الأصوليون.
وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِثْلِ زَائِدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ.
وَالثَّانِي-وَهُوَ الْمَشْهُورُ-: أَنَّ الْكَافَ هِيَ الزَّائِدَةُ وَأَنَّ مِثْلِ خَبَرُ لَيْسَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْقَوْلَ بِزِيَادَةِ الْحَرْفِ أَسْهَلُ مِنَ الْقَوْلِ بِزِيَادَةِ الِاسْمِ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ ابْنُ جِنِّي وَالسِّيرَافِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا: الْمَعْنَى لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ وَإِلَّا لَاسْتَحَالَ الْكَلَامُ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ زَائِدَةً كَانَتْ بِمَعْنَى مِثْلَ وَإِنْ كَانَتْ حَرْفًا فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَيْسَ مِثْلَ مِثْلِهِ شَيْءٌ وَإِذَا قُدِّرَ هَذَا التَّقْدِيرُ ثَبَتَ لَهُ مِثْلٌ وَنُفِيَ الشَّبَهُ عَنْ مِثْلِهِ وَهَذَا مُحَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا مِثْلَ لَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَفْسَ اللَّفْظِ بِهِ مُحَالٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ وَذَلِكَ أَنَا لَوْ قُلْنَا: لَيْسَ مِثْلٌ مِثْلَ زَيْدٍ لَاسْتَحَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ إِثْبَاتُ أَنَّ لِزَيْدٍ مِثْلًا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ جَعْلَ زَيْدٍ مِثْلًا لَهُ لِأَنَّ مَا مَاثَلَ الشَّيْءَ فَقَدْ مَاثَلَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ مِثْلًا لِعَمْرٍو وَعَمْرٌو لَيْسَ مِثْلًا لِزَيْدٍ فَإِذَا نَفَيْنَا الْمِثْلَ عَنْ مِثْلِ زَيْدٍ وَزَيْدٌ هُوَ مِثْلُ مِثْلِهِ فَقَدِ اخْتَلَفْنَا وَلِأَنَّهُ يلزم منه التناقص عَلَى تَقْدِيرِ إِثْبَاتِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مِثْلَ الْمِثْلِ لا يَصِحُّ نَفْيُهُ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مِثْلًا لِشَيْءٍ وَهُوَ مِثْلٌ لَهُ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ إِثْبَاتِ الْمِثْلِ غَايَةُ مَا فِيهِ نَفْيُ مِثْلِ مِثْلِ اللَّهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَلَّا يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَصْلًا ضَرُورَةَ أَنَّ مِثْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَذَلِكَ الشَّيْءُ مِثْلُهُ فَإِذَا انْتَفَى عَنْ شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ عَمْرٍو انْتَفَى عَنْ عَمْرٍو أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ يَلْزَمُ مِنْهَا إِثْبَاتُ الْمِثْلِ وَنَحْنُ قَدْ مَنَعْنَاهُ بَلْ أَحَلْنَاهُ مِنَ الْعِبَارَةِ وَقِيلَ: لَيْسَتْ زَائِدَةٌ إِمَّا لِاعْتِبَارِ جَوَازِ سَلْبِ الشَّيْءِ عَنِ الْمَعْدُومِ كَمَا تُسْلَبُ الْكِتَابَةُ عَنْ زَيْدٍ وَهُوَ معدوم أو يحمل المثل على المثل أي الصفة كقوله تعالى: {مثل الجنة} أَيْ: صِفَتُهَا فَالتَّقْدِيرُ: لَيْسَتْ كَصِفَتِهِ شَيْءٌ.
وَبِهَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ يَحْصُلُ التَّخَلُّصُ عَنْ لُزُومِ إِثْبَاتِ مِثْلٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَائِدَةً.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الزَّائِدَ مِثْلٌ وَإِلَّا لَزِمَ إِثْبَاتُ الْمِثْلِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِ تَقْدِيرِ دُخُولِ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَجِيءُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَخْلُصُ مِنْ لُزُومِ إِثْبَاتِ الْمِثْلِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ الذَّاتُ وَالْعَيْنُ كَقَوْلِهِ: {فَإِنْ آمنوا بمثل ما آمنتم به} وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
عَلَى مِثْلِ لَيْلَى يَقْتُل الْمَرْءُ نَفْسَهُ

فَالْكَافُ عَلَى بَابِهَا وَلَيْسَ كَذَاكَ بَلِ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْمِثْلِ لِيَكُونَ نَفْيًا عَنِ الذَّاتِ بِطَرِيقٍ بُرْهَانِيٍّ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الذَّاتِ الْمَمْدُوحَةِ مِثْلٌ فِي الْخَارِجِ حَصَلَ النَّفْيُ عَنْهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ التَّخْيِيلُ فِي الِاسْتِعَارَةِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ فِيهَا الْبَيَانِيُّ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا نَفْيًا عَنِ الذَّاتِ بِطَرِيقٍ بُرْهَانِيٍّ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْمُمَاثَلَةُ تَسْتَدْعِي الْمُسَاوَاةَ فِي الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَفْعَالِ فَإِنَّ اتِّفَاقَ الشَّخْصِيَّتَيْنِ بِالذَّاتِيَّاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ اتِّحَادَ أَفْعَالِهِمَا.
قِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ هُنَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ بَلِ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ فِي الصِّفَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لِمَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مِثْلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِثْلُ لَا تَسْتَدْعِي الْمُشَابَهَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَالَ الْكَوَاشِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكَافَ وَمِثْلُ لَيْسَا زَائِدَتَيْنِ بَلْ يَكُونُ التَّمْثِيلُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ كَقَوْلِهِ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لفسدتا} وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لَوْ فَرَضْنَا لَهُ مِثْلًا لَامْتَنَعَ أَنْ يُشْبِهَ ذَلِكَ الْمِثْلَ الْمَفْرُوضَ شَيْءٌ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهتدوا} فَقِيلَ: إِنَّ مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا لَوْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا مِنَ الصِّلَةِ ضَمِيرٌ وَهُوَ الْهَاءُ فِي بِهِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يَعُودُ عَلَى الْحُرُوفِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْمًا إِلَّا بِالصِّلَةِ وَالِاسْمُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ مَا هُوَ صِفَتُهُ إِذْ لَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى رَبْطٍ وَجَوَابُهُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً صِلَتُهَا {آمَنْتُمْ بِهِ} وَقِيلَ: مَزِيدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ آمَنُوا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ أَيْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ.
وَقِيلَ: إِنَّ مِثْلًا صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ آمَنُوا بِشَيْءٍ مِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا آمَنُوا بِهِ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ حَتَّى يُؤْمِنُوا بذلك المثل.
وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أَنَّ الْوَجْهَ صِلَةٌ وَالْمَعْنَى: فَثَمَّ اللَّهُ يَعْلَمُ وَيَرَى قَالَ: وَالْوَجْهُ قَدْ وَرَدَ صِلَةً مَعَ اسْمِ اللَّهِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} {إنما نطعمكم لوجه الله} {كل شيء هالك إلا وجهه}.
قُلْتُ: وَالْأَشْبَهُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذَّاتُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الزِّيَادَةِ.
وَمِنَ الزِّيَادَةِ دعوى أبي عبيدة {يسمعونكم إذ تدعون} أَنَّ (إِذْ) زَائِدَةٌ.
وَقَوْلِهِ: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الذي حرم عليكم}.
وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} وَقَدْ سَبَقَ.